السبت، 16 مايو 2015

المسافاتُ قاسية

أمشي في الطريق، أقلبُ عينايّ في الإسفلتِ متجاهلةً ضجيجَ المارةِ وصخبَّ الشوارع، غير آبهةٍ لحرارةُ الشمس التي تلفحُ وجهي، أستمدُ قوتي من الأحلامِ ! 

كلما مشيتُ وتحسستُ طولَ الأمتار أنشدت للكليةِ في نفسي كما أفعل دائماً: " كأنكِ دربٌ بغيرِ انتهاء وإني خلقتُ لهذا السفر" 
وأستمرُ طوالَ الطريقِ أتأملُ في طولِ المسافاتِ،
المسافاتُ التي تفصلنا بيننا وبينَ أحلامنا، بيننا وبينَ أحبتنا، مسافاتٌ لاتقاسُ بوحداتِ القياسِ التي لطالما حفظناها من دروسِ الرياضيات، لا !
الحنينِ واللهفه والشغف والإصرار هذهِ هي الوحدات
 الدقيقةُ من وجهةِ نظري!
المسافاتُ قاسية ياصديقي، قاسيةٌ أكثر مما يجب!

كيفَ لها أن تذيقنا الطعمَ المرّ قبل الحُلو أخبرني؟
كيفَ لها أن تبعدَ عنا من نحبُ في أحلكِ الظروف؟
كيفَ لها أن تفصلني عن أحلامي وتجعلني أقاسي العثراتْ بمفردي في سبيلِ تحقيقِ أصغرِ الأحلام؟
لما لاتقصر حينَ فقط نشتاقُ ونتمنى اللقاء؟ 

لاتقل لي إن هذا من طبائعِ الأمور؛أنا أؤمن بأن كل شيءٍ سيأتي في موعدة، وأن الله سيرزقني إياهُ في اللحظةِ المناسبة لكنني لا أستطيعُ التغلبَ على الفطرةِ البشريةِ !
ان كنتَ لاتعلمُ الإجابةَ اصمت وطبطب على قلبي،هدئ من روعي إن رأيتني مصاباً بحمى الحنين، لاترهقني بكثرةِ السؤالِ عن حالي،لاتغرس خناجرَ الكلمِ التي تذكرني بهم،لاتعذنبي أكثز من ذلك أرجوك توقف! 

خذ بيدي وذكرني دوماً أن نبقى على هذا الطريق، الطريقُ الذي يقودونا للجنةِ وحسب، دعنا نسألُ الله معاً الثبات عليهِ.
 نعم أعني هناك حينَ نجتمعُ بلا فراق، ولاترهقنا المسافات!
ردد على مسامعي دوماً" اللهم زحامَ الجنةِ مع من نحب،اللهم أصدقاء حتى الظلالِ حتى الجنة" 
لعلها تكونُ ساعةَ إجابة ونحنُ هناك حينَ نقولُ :
آمين ويالله استجب💗


هديل مُحمد

الجمعة، 15 مايو 2015

ماذا فعلت أمي بقلوبهم؟ 💗

صعبٌ هو الرحيلُ عن موطنِ أمجادك، مرارةُ الوداعِ مؤلمةٌ جداً، والإبتعادُ عن صرحٍ مكثتَ فيهِ أكثر من تسعةَ عشرَ عاماً موجع! 
حينَ أتيتُ للمنزلِ البارحة تفاجأتُ من كمِ الهدايا، وأصنافِ الوردِ المركونةِ على زاويةٍ من الغرفة، رأيتُ أمي وسألتها فقالت: اليومَ أقمتُ حفل "مِسكُ الختام" واغرورقت عيناها دمعاً !
أعطتني هاتفها لأرى عرضاً مرئياً كاملاً للحفلِ، في المقاطعِ الأولى بدا لي حفلاً مرتباً منظماً جميلاً كما تعودتُ على حفلاتِ الختام، ولكن المقاطع الأخيرة جعلتني أسكبُ دمعاً غزيراً... 
يخرجُ الصوتُ مهتزاً من حنجرةِ المعلمةِ التي تقرأُ الكلمة وكأنهُ يأبى ذلك، يُخطأُ في اسمِ أمي حتى قيلَ "رتيبة محمد" وليسَ "رتيبة شامس"، وكأنَ الكلماتِ تأبى أن تشكلَ عبارةً مفيدة لـيعلمَ الحضورُ عن ذاك الخبر، شدني منظرُ أمي والدموعُ تنهمرُ من مقلتيها وني تمشي بخطى متثاقلة لموقعِ استلامِ هديةِ الشكر،يبكي من حولها الطاقمُ التدريسي الذي لطالما أبى أن يتخيلَ هذهِ اللحظة ، فجأة تتشوهُ دقةُ التصوير فإذا بي أسمعُ المعلمةَ التي كانت تسجلُ الحفلَ هي الأخرى تبكي!!
حتى اخي الجالسُ في وسطِ زملاءهِ بكى لأجلها! 
 
يالله ماذا فعلت أمي بقلوبهم بهم ليحبوها كل هذا الحب ؟ ليتعلقوا بها كالأمِ الحنون؟ ماذا فعلت لتكونَ علاقتهم بها علاقةَ أُخوةٍ لا علاقةَ زُملاءِ عمل؟ 

أحضانهم ورسائلهم التي كانت تتسابقُ بالأمسِ كلٌ يعبرُ عن ما يجولُ في خاطرهِ لها،المحبةِ التي امتدت لتصلَ رسائلُ من أناسٍ غادروا المدرسةَ من سنينٍ طويلة !

لم يتأتى كل هذا من فراغ ! 
نعم تأتى من إخلاصكِ وتفانيكِ وقلبكِ الطيب ياحبيبتي💗

أمي هذهِ النحلةُ المخلصةُ لأكثر من تسعةَ عاماً، التي تسعى في مهنتها لأجلِ أن ترقى بنفسها وبالوطنِ، هذهِ التي أفنت عمرها في سبيلِ توصيلِ الرسالة، هذهِ التي ربت وبنت، هذهِ التي أنتجت أجيالاً منهم اليومَ دكتور والآخرُ مهندس وتلكَ طالبتها اليومَ تجاورها في ذاتِ المدرسة لتحملَ معها نفسَ الرسالة، رسالةُ التعليم، رسالةُ العطاءِ والكفاح !

أماهُ أيّ الحواسيبِ تستطيعُ أن تعدّ جهدكِ طوالَ تلكَ السنين؟ 
أماهُ حقٌ عليّ أن أفخرّ اليوم، حقٌ عليّ أن أصدحَ اليوم هذهِ هي أمي هنا شيدت وبنت 

أمي الغالية، هنيئاً لكِ تقاعدكِ عن العمل، بوركَ الجهدُ الذي زرعته، وجزاكِ اللهُ أجراً مضاعفاً، حقٌ لكِ الراحةُ بعد هذا الجهد، أمدّ اللهُ في عمرك، وأدامكِ لي عمراً لا أعلم كم سأعيشه

أُحبك💗

الأحد، 10 مايو 2015

للهِ أجري وصبري💗

أتكورُ على نفسي، محاولةً الهروبَ من هذا الضجيج، تصدعيّ من الداخل يحدثُ هزاتٍ مخيفة فيّ، أنا وبكل ما أوتيتُ من قوة أحاولُ أن أملأني بالصبر، أن أشيحَ بنظري للجانبِ المشرق، أن أعيدَ تشكيلي حينَ أتقلص!

هذهِ الدوامة التي تحدثها الأيام لاتستطيعُ خنقي، تصفعني الظروف وتسقطني على ركبتي حتى أنا أتعلمَ دروساً جديدة، نحيبي الدائم لا يجدي، الشعورُ الذي يفتتني تأكدتُ من أنهُ وحيٌ من خيالاتي السيئة، أُبدد كل هذا التخبطَ فيّ بتنهيدة  وأقولُ بكلِ إيمانٍ  "إلى الله أبرأ من تراكمات الشعور، وتصدّع الفجوات، وتقّطع الدروب، ويباس الأمل، إلى الله أُوّكل بؤس الحياة وسقم الأيام .. أن تُزاح ولا تُعاش" وتدريجياً أشعرُ بالإطمئنان، وكأن شيئاً من بؤسِ هذا العالمِ أزيحَ عني !
سأخبركم شيئاً شعورُ الإعتيادِ قد يكونُ مريحاً وأحياناً كثيرة يكون قاسياً كعقابٍ ملزمٍ به! 
ودعواتي الدائمة: اللهم طبطبة على رأسِ هذا الوجع، مواساةٌ لا أبتئُسُ بعدها، وقلبٌ لايميلُ إلى إليك 🌸

تعودتُ على قلةِ الحديث، والمشي بمفردي، والإعتمادَ على نفسي في أمورٍ معقدة، هذا كلهُ كفيلٌ بأن يلقنكَ معنى الإكتفاءِ والجلدِ مع نفسك، مغالبتي للبكاءِ تطفيها مزحة بل حتى ابتسامه، تخفيها مقابلةُ رفيق ومحادثةُ آخر، البكاءُ في الخلوات أثمنُ ، عموماً مغالبتي لذاكَ الشعورُ البائس غالباً تنجح! 

يخفف اللهُ عنكَ دائماً صدقني ! 
قد يرزقكَ رفيقاً يشدُ بك للجنة يواسيكَ ويخفف هذا النزف ! 

كما رزقني بأختٍ من محضِ الصدفة، وإنها واللهِ لأجملُ الصدف التي بكيتُ شكراً لها في سجودي اللهُ ينعمُ عليكَ بقلبٍ مرحٍ صبور 💗
اللهُ يطفئ هذا الوجع لذلكَ أنا مطمئنة
ومن سواهُ ينبتُ في صدري الفرحْ كلما علقتُ أموري به، يملأني بالقوةِ الازمةِ لمصارعةِ الإنهاكِ والتعب، رحيمٌ بنا عليمٌ بأحوالنا،لله قلبٌ متقلب الأوجاع، لله أجري وصبري، لله مرجعي، لله هذهِ المضغة، وإني " دونكَ يا إلهي شريدٌ تائهٌ في وسطِ عتمة" 🌸

الجمعة، 8 مايو 2015

جدي وجدتي ..حفيدتكم تحبكم جداً 💗

ولأنَ الله يُديمُ نِعمَ الحامدين؛ الحمدُلله على نعمةِ وجودكما في حياتي، كـ نفحِ الياسمين حديثكِ ياجدتي، كـ لونِ الحياةِ وجهكَ يا جدي، لا أعتقدُ بأن حروفَ اللغةِ ستتمكن من وصفِ قربكم مني، أو تحليلِ موقعكم في صدري، حبكم يتنامى في صدري منذُ أن وُجِدتُ على هذا الكون، باللهِ كيفَ أنسى ترعرعي بينكما؟كيفَ أنسى مشاكستي التي لطالما وبختماني كثيراً عليها؟ كيفَ لي أن أنسى نصفَ عمري! 

حفيدتكم الكبرى كبرت كثيراً، ولكن !
حضنُكِ ياجدتي لازالَ هو المرتعَ الذي أحتمي فيهِ من فجائعِ الحياة، دعواتكِ الدائمة لي طوقٌ لا أستغني عنه، أذكرُ سهركِ معي في أوقاتِ مرضي، بقاءكِ بجانبي حتى الصباح شيءٌ لايختفي من ذاكرتي، ابتسامتك وفرحك لأجلي أفخرُ بهِ كثيراً، تحفيزكِ سندٌ لحلمي، كلُ شيءٍ فيك يختلفُ عنهم جميعاً، سأتوقف ! 
حرفي لن يوفي والله يتعثرُ في وصفك وتعدادِ فضائلكِ عليّ، ياحبيبةَ الفؤادِ أنتي💗

جدي، ماذا أقولَ فيكَ أيها الشهم المغوارُ المقاتلُ في ساحةِ الحياة، أنا أذكرُ كلَ تلكَ اللُعبِ التي تحرصُ على الإتيانِ بها فورَ عودتك من السوق، أذكر كل أصنافِ الحلوى والمُثلجاتِ التي كنتَ لا تنساها في عزِ انشغالكَ، أذكرُ تعابيرَ وجهكَ حينَ تقبلُ علينا محملاً بكلِ تلكَ المؤونةِ من السوق، وبختني مراراً حينَما أأخذ الكثيرَ من الحلوى دونَ أن أقاسمَ أختي أو ابنَ خالي بحكمِ أنني الكبرى فيهم، لطالما ما كنتُ أسابقُ دوماً لأحظى بأفخرِ اللعبِ وأفضلها -لا أعلمُ هل هي أنانيةٌ مني أم هوَ تعودي على فكرةِ" المدللةِ الوحيدة للعائلة"-، لابأس المهم أنني حظيتُ بقسطٍ وافرٍ من الدلالِ آن ذاك، جدي اتذكر حينَ نتسابقُ لحضنك؟ حينَ نتجمعُ في حلقةٍ لتسردَ لنا قصصَ كفاحك، وتبطلَ تلكَ الخرفاتْ التي تخيفنا، علمتنا حُبَ الحياة، وحبَ الكفاح، ومعنى النضال. 
  الله أعلمُ بذاكَ الشعورُ الذي اجتاحني لحظةَ مرضك، اللهُ يراني حينَ كنتُ أركضُ والدموعُ تنهمرُ  وأصرخُ دونَ وعيّ "جدي، جدي، جدي ...."، لا اعتراضَ على القدر، الحمدُلله الذي أعادكَ لنا سالماً، ابتسامتك مازالت تبعثُ فيّ حياة، تُعيدُ لي الكثيرَ من الذكريات، لازلتَ وستبقى جدي الذي أفخرُ بهِ أينما وجدت، اللهُ أعلمُ بحجمِ فقدي لحديثكَ اللذيذ، إنني وبقدرِ ما ملكتُ من قوةٍ أحاولُ أن أسعدك، أن أَبرّ بكَ كما ربيتني صغيرةً، أنا وكما قلتُ سلفاً لن أوفيكَ حقاً لن أوفيكَ أيها المتربعُ في صدري كالملك💗،

جدي، جدتي أعتذرُ لكما وان كنتما لاتستطيعانِ القراءةِ الآن، أعتذرُ عن عدمِ مقدرتي في وصفِ قربكما، أعتذرُ عن كلِ التعبِ الذي ولدتهُ لكما مشاكستي.
لو أن هذا الوقتَ يكفي لقضيتُ ما تبقى من العمرَ  في معكما، لقضيتهُ في رسمِ البهجةِ على قلبيكما

وعن وجهِكما الذي يشبهُ الجنة، وعن حضنكما الكوثريّ أعجزُ عن شكركَ يالله🌸

أسأل الله أن لايجعلني أعيشُ عمراً دونكما، ستبقيانَ ذاك الحبَ الذي يرتفعُ على هيئةِ دعاءٍ كل ليلة، أمدّ اللهُ في عمركما، وجعلني بذرةَ فرحٍ تنمو فيكما فتزهرُ ربيعاً أخضر. 

جدي وجدتي، حفيدتكم تحبكم جداً 


#كتبَ بالدمع 
هديل مُحمد ،
💗