أُسلم آخر ورقة اختبارٍ في هذا العامِ أتخففُ من الهم الثقيلِ وأنطلقُ للحياةِ من جديد، كُنت ولازلتَ معي في الانكماش والاتساع في العتمةِ قبل النور، أستشعرُ سندكَ في أثقلِ الأوقاتِ وأحلكها عليّ.
يا ألله.
حين سئمتُ من المتطلبِ الذي استهلك مني عُمراً وطاقةً وبكيتُ خوفاً وهلعاً، حين دفعتني برحمتكَ لأمسك كتابك العزيز وأضُمهُ إلى صدري كأمٍ تُقبل طفلها المولود للتو؛ عن الحنانِ والطمأنينةِ التي لامست شغاف قلبي حينها وعن جمالِ مواساتكِ حين فتحت و سقط بصري على ( وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ)
بكيت. كنت أريدُ أن أصفعني وأضرب برأسي الصغيرِ عرض الحائط بكل ما أوتيتُ من قوة!
أستعيذ بكَ يالله حين ينزغني الشيطانُ نزغاً، فأجحد نعمتك عليَّ وأقنط.
نحنٰ الذينَ تُرهقنا الدروبُ فجأةً، وننسى أنكَ الله ربُّ الرحماتِ والدواءِ، حين ترسل أفراحك علينا وتغمرنا بعظيمِ لطفك ونشعرُ بأننا في ساحةِ بدرٍ تداوينا ببشراكَ وتطمئن قُلوبنا بنصركَ.
سُبحانك.
أنى نحزنُ ولم يكن وجعنا كوجعِ مريمَ حين قالت: ( ياليتني مت قبل هذا وكنت نسياً منسياً)، أي قوةٍ وأي مددٍ ذاك الذي صببتهُ في قلبها حين رمت بفلذة كبدها موسى في اليمِ، وأي درجة من الإيمانِ المبطنِ بالصبرِ الذي منحتهُ سيدنا يعقوب -عليهِ السلام- حين ابيضت عيناهُ من الحزنِ على ولدهِ.
القرآن يُزهرك ويُقيم جدار روحك إذا انقض، عش بهِ، خُض الحياةِ بأمانٍ معه، لا تبتئس غامر بإيمانٍ مستشعرا خلافتكَ على هذه الأرض.
رمضانُ فرصتكَ التي في ما مضى ذهبت سُدى، ضمد جروحك وانتعش، قُم للحياةَ مجاهداً صابراً على شقائها وجحيمها، ساعياً في مناكبها مُباركاً بتوفيق الله، أَنر هذا الفؤاد بذِكره وانطلق متوكلاً حاشاهُ أن يُضيعك.
يا رب الدواء والشفاء والرحماتِ التي لاتتضب؛غفرانك، حين كُنا عُمياناً عن أيامنا الممتلئة بخيرك العظيم، حين أغرتنا الحياةُ ونسينا أن وعدك حق وتغافلنا عن اقتناص لُطفكَ من اللحظاتِ الثقيلة، لك الحمدُ لأنك شارحُ الصدرِ، باعثُ الأمانِ في نفوسنا الضعيفة.
تمت.
١٨ من رمضان ١٤٣٧هـ
هديلُ بنت محمد البطاشية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق