الخميس، 5 مارس 2015

نَحتاجُ لطبِ العقول كما نحتاجُ لطبِ الجسد

إن هذا التسارعَ التِقنيّ باتَ كاللصِ الذي ينهبُ أوقاتنا وينهشُ عقولنا وفوقَ كل هذا يحـرمنا من مُتعٍ أكثرَ لذةً وأعمقَ تغذيةً للفكر،
أما آنَ الأوانُ لتمحيصِ أفعالنا وتصرفاتنا وأن نتفكرَ في الأيامِ التي تمضي من عمرنا هدراً؟دونما علمٍ يروي ظمأ عقولنا! 

نحتاجُ لطبِ العقولِ كما حاجتنا لطبِ الجسد.
مهما أوصلتكَ نفسكَ لأعلى المناصب؛تأكد أنكَ دونَ ثقافةٍ كالطبلِ الفارغ.
 
أشفقُ على حالِ من يفتخرُ بأنهُ لايقرأ، لأنهُ فقدَ مُتعةَ الغوصِ في عالمٍ مختلف ،مُخضبٍ بالجمال ينقلكَ من صخبِ هذه الحياة لتعيشَ بمفردك وسطَ الأسطرِ وتتنقلَ مابينَ الحروف،إن هذهِ اللهفةَ لاتتولد بمحضِ الصدف وإنما هي إرادةٌ ذاتية لدفعِ نفسكَ للأمامِ دوماً ،
إنني لا أخفي سراً أنَ للقراءةِ فضلاً كبيراً علي،لقد غيرت مسار حياتي جذرياً وأصبحتُ حيةً فكرياً أكثر بكثيرٍ مما مضى،لقد أدركتُ فعلاً أن المطالعة بقصد كسبِ المعرفةِ والتعلم نعمةٌ من نعمِ الله قال تعالى (.. وعلمكَ مالم تكن تعلم وكان فضل الله عليكَ عظيما ) إذا كنتَ تستشعرُ حقاً هذهِ النعمه فقل الحمدُلله حتى تدوم،

هل جربتَ مثلي أن تعيشَ في أحداثِ النكبةِ الفلسطينة؟ وأن تتوغلَ في أحداثِ الحربِ العالمية؟ نعم إنها القراءةَ هي من تهبكَ كل ذلك وأنتَ في مقعدك لتعيشَ مغامراتٍ شتى وتزورَ بلدانٍ أخرى وتتعرفَ على حضاراتٍ انقرضت !
جميعنا نجتمعُ تحتَ بندٍ واحد أننا بشر،وجميعنا قادرونَ بطريقةٍ أو بأخرى أن نروضَ أرواحنا ونربي عقولنا كما يجب بالطريقةِ المثلى!  

من المؤسفِ أن تموتَ فينا اللهفةُ لتحصيلِ المعلومةِ من الكتاب،متهمينَهُ بأنهُ مصدرُ ضجر وسجنٌ مقفر،

في حينِ زيارتي لعُرسِ الثقافة،ذلك الحدثُ السنويُّ المنتظر لدى جوعى الحرف،أذكرُ أنني وقفتُ مذهولةً أمامَ مشهدٍ -لعلهُ يُلخصُ كميةَ الأسى التي في قلبي اتجاهَ جيلنا اليوم-
كانَ شيخاً طاعناً في السن يحملُ قائمتهُ وعربةَ تسوقهِ الخاصةَ بالكتب يجولُ في كلِ ركنٍ ويمحصُ الكتب بعناية، من أتى بهِ ياترى؟
نعم هذهِ هي اللهفةُ التي يفتقرُ إليها جلينا اليوم 
كما يقول الدكتور وليد فتحي:
الكلمة التي استحقت أن تكونَ أول كلمات السماء للأرض في أول لقاء بين رسول السماء برسول الأرض!
إنها كلمة"اقرأ" فإن لم نطع أول أمر،ولم نطبق أول فرض نزل بهِ القرآن فهل لنهضة هذه الأمةِ من سبيل ؟

لكلِ من يقرأ، هذهِ رسالةٌ أعظُ بها نفسي قبل الجميع،جرب أن تفتحَ كتاب، تقرأ سطوراً بسيطه،دعْ هدفكَ الأولَ والأخير أن تحصلَ على فائدةٍ منه،لعلك تشعرُ بالملل للوهلةِ الاولى ولكن تيقنَ من أن مستواكَ في القراءةِ سيتقدم يوماً بعد الآخر إن ناضلتَ لطلبِ المعرفة، وسوفَ ترى كيفَ أنك ستقضي ساعاتٍ لتقرأ دونَ أن تشعر بمرورهاأضعفُ الإيمانِ أن نخصص يوماً من أيامِ الأسبوعِ لنقومَ بهذهِ المهمة،
 احذر من أن تقرأ فقط ليقالَ عنكَ قارئ ومثقف،تفحصْ نيتكَ الداخليه
أخلص من العمق 

و لتعلم أنهُ في خِضَّمِ خوضكَ في غمارَ هذهِ الحياة؛ستحمدُ الله مراراً أنْ وفقكَ للقراءةِ يوماً وهذا فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو فضلٍ عظيم. 


نسأل الله أن لايفقدنا شغفَ السعي لكلِ ما فيهِ صلاحٌ لنا،وأن ينفعَ بنا الأمة 

-هَديل مُحـمد💗